تأثير السحر على حياة المسحور يتسبب له بخسائر نفسية، وجسدية، وقد يفصله أيضًا بشكل تام عن الواقع من حوله، فما مظاهره، وكيف يمكن التغلب عليه؟
هذا ما نوضحه في المقال، تابع معنا.
ما هو السحر، وهل يُعد حقيقة، أم خرافات؟
يُعرف السحر في اللغة على أنه صرف الشيء عن وجهه، وهو كل أمر يُخفى سببه، ويُتخيل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه، والخداع، وفي اصطلاح الشرع عرفه ابن قدامة بأنه: “عزائم، ورقى، وعُقَد تؤثر في القلوب والأبدان، فيُمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه”.
والسحر هو أمر حقيقي، ويوجد دلالات عدة على صحته، ووجوده، وتأثيره
إثباتات وجود السحر
تظهر حقيقة السحر في:
الآيات القرآنية
{وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون} (البقرة: 102).
ووجه الدلالة من الآية أن الله أخبر فيها أن تأثير السحر على حياة المسحور يظهر بشكل ملموس كالتفريق بين المرء وزوجه، وأن له ضررًا واضحًا -يحصل بأمر من الله-، وهي آثار محسوسة لا يمكن إنكارها، مما يدل على أن للسحر حقيقة، وليس خرافات.
قول أهل السنة، والجماعة
قال الإمام النووي: “والصحيح أن السحر له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء… “وقال الإمام القرطبي -رحمه الله-: “ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت، وله حقيقة”.
وقال الإمام ابن القيم: “وقد دل قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} (الفلق:4) على تأثير السحر، وأن له حقيقة”.
ما أنواع السحر؟
ينقسم السحر في القرآن إلى 3 أنواع، كالتالي:
النوع الأول: سحر التخييل
يعتمد فيه الساحر على إظهار الأشياء على غير حقيقتها، وهذا السحر يقوم على عنصرين: سحر العيون والاسترهاب، والدلالة على ذلك من القرآن: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: 115 – 122].
فسحر أصحاب فرعون أعين الناس بسحر التخييل فجعلوا حبالهم، وعصيًّهم تسعى وكأنها حيات، وهي في الواقع ثابتة لا تتحرك، ولكن بسبب ما أقاموه من سحر على أعين الناس كانت تلك النتيجة.
النوع الثاني: السحر المؤثر
هذا النوع من السحر هو الأكثر تداولًا بين السحرة، والمشعوذين، وهو من أخطر أنواع السحر، إذ إنه عبارة عن عزائم، ورقى، وعقد، وطلاسم شيطانية، وإذا كنا نتحدث عن تأثير السحر على حياة المسحور فهذا النوع من الأسحار يتسبب في إيذاء الفرد بشكل قوي، لأنه يتمثل في اتفاق ما بين شياطين الإنس، وشياطين الجن على أذى المسحور.
النوع الثالث: السحر المجازي
يقوم هذا النوع من السحر على خفة اليد، والتمويه، والخداع، والكذب على ضعاف العقول. ويعرف في زماننا هـذا بالشعوذة، وغالبًا ما نرى هذا النوع من السـحر يمارسه بعض الذين يعملون بالسيرك، أو الحيل العلمية، وغيرها.
ما مدى تأثير السحر؟
لتأثير السحر على حياة المسحور عدة مظاهر، إليك أبرزها:
1- الألم الجسدي
من أشهر علامات تأثير السحر على المسحور، هو الألم الجسدي، إذ إن السحر يتسبب في التعب، والإجهاد المستمر.
وفي بعض الأحيان قد يكون الألم الجسدي الشديد دلالة على سحر المرض، الذي قد يتأذى بسببه المسحور ومن أبرز الأمراض التي قد يُصاب بها المسحور ما يلي:
- شلل عضو من أعضاء الجسد، بدون أية مبررات أو أسباب طبية.
- ألم دائم في عضو معين من الأعضاء.
- نوبات الصرع، والتشنجات العصبية.
- تعطل أحد الحواس عن العمل.
- شلل كلي للجسد.
2- الاكتئاب، والقلق
يُعد الاكتئاب أبرز مظاهر تأثير السحر على حياة المسحور، إذ تتحول الحالة النفسية للمريض بعد السحر بشكل سلبي، فيعاني من ضيق الصدر طوال الوقت، والقلق المستمر بدون سبب.
وتتزايد تلك الأعراض لتظهر في عزلة الشخص، وانفصاله عن الحياة، وعمن حوله بشكل واضح، مع تجنب أغلب الأنشطة التي أعتاد على فعلها، ويجب التنويه أن تلك الأعراض ليست بالضرورة أن تكون بسبب السحر، فقد تكون ناتجة عن مشكلة نفسية تتطلب استشارة الطبيب.
اقرأ أيضًا: الرقية الشرعية لتهدئة الأعصاب والراحة النفسية مكتوبة
3- الانقطاع عن العبادة
يظهر تأثير السحر على حياة المسحور بشكل واضح عند انقطاعه عن العبادة، فيؤثر على قدرته على أداء الفروض الربانية التي اعتاد على تأديتها قبل السحر، ويشعر كأن بينه وبينها حائلًا يمنعه، أو قد يتركها بسبب الوسوسة الزائدة، وتسلط الشيطان عليه وقت تنفيذ الفروض.
على سبيل المثال: قراءة الفاتحة أكثر من مرة للتأكد من عدم الخطأ فيها، أو غسل اليدين بشكل مفرط، ومبالغ فيه عند الوضوء قد يصل إلى حد الأذى، مما يُجهده ويتعبه، فينقطع تمامًا عن أدائها.
4- اضطرابات النوم
وقد تكون بسبب ما يعرف بسحر عقد النوم، إذ يسلط الساحر الجن على المريض ليحول بينه وبين النوم، فيزداد أرقه.
وإن حدث ونام يصبح عرضة للكوابيس، والأحلام المخيفة، ومن مظاهر تأثير السحر على حياة المسحور التعرض للرعب الليلي الذي يحدث بسبب الخيالات الناتجة عن السحر.
5- كره الزوج أو الزوجة
يؤثر السحر بشكل قوي على العلاقة بين الزوجين، فإذا كان الحال بينهما المودة، والمحبة، ينقلب رأسًا على عقب، ويكره الزوج زوجته، أو تكره الزوجة زوجها دون أية أسباب منطقية، أو واضحة ويحدث أن يتطور هذا التأثير لانهيار العلاقة بينهما، والانفصال نهائيًا.
6- تغير في السلوك، والشخصية
قد يلاحظ الآخرون تغيرًا في سلوك المسحور، مثل التوتر المستمر، العدوانية غير المبررة، انعدام الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية، وشرود الذهن المتواصل.
بالإضافة إلى الركون الواضح في الحياة العملية، فيتحول المسحور من شخص عملي ومثابر، إلى شخص كسول لا يأبه بتحقيق أحلامه، ورغباته، وهذا من أشهر مظاهر تأثير السحر على حياة المسحور.
7- إصابة المرأة بعلل مختلفة
قد يتسبب السحر للمرأة العزباء، أو المتزوجة بعدة مشكلات، من أشهرها:
- آلام شديدة في الظهر، وخاصة في أسفله.
- القيء، والغثيان، مع الشعور بآلام في المعدة.
- موت الجنين إذا كانت المرأة حاملًا.
- اضطرابات الدورة الشهرية مثل: انقطاع الدورة تمامًا، أو حدوث نزيف حاد.
تأثير السحر على حياة المسحور
تتنوع تأثيرات السحر المتعددة وفقًا للجانب الذي يصيبه كما يلي:
تأثير السحر المأكول
- خروج رائحة كريهة من المعدة عن طريق الفم.
- الشعور بألم في المعدة مع غثيان، وتقيؤ.
- كثرة الغازات في البطن.
- عدم الرغبة في الأكل.
- الإمساك المزمن.
- آلام في البطن.
اقرأ أيضًا: اقرأ رقية السحر المأكول والمشروب مكتوبة كاملة
تأثير السحر المدفون على المسحور
- الألم الشديد في مؤخرة الرأس، أو منتصفها مع وخز متقطع بها.
- الميل إلى العزلة، والاكتئاب.
- الإرهاق الذهني المستمر.
- الشعور بضيق عند النوم.
- زغللة شديدة في العين.
- ضعف الشهوة الجنسية.
تأثير السحر المرشوش
- كثرة التخيلات، فالشخص المصاب بالسحر المرشوش يتخيل أشياءً غير موجودة، أو يشعر بأن أحد ما يراقبه.
- ظهور التصدعات بالأسقف، والحوائط، مع ظهور صوت ضجة بالمنزل.
- ظهور كدمات زرقاء، أو خضراء تميل إلى السواد على جسم المسحور.
- ظهور أورام، أو حرارة، أو برودة في الساقين، أو القدمين، أو الذراعين.
- ألم شديد في القدمين مع التنميل الشديد.
- ثقل في الركبتين.
تأثير السحر على الأسنان
- تسوس الأسنان بشكل مفرط دون سبب.
- تآكل في جذور الأسنان.
- تساقط الأسنان.
تأثير السحر على الأعصاب
- الشعور بالكسل، والخمول، والضعف الجسدي.
- توقف الرجل عن العلاقة الزوجية مع زوجته.
- الشرود الذهني، وضعف التركيز.
- التأفف المستمر من العمل.
- كثرة التوهم، والتخيل.
- النوم بشكل مستمر.
تأثير السحر على الوجه
- ظهور السواد تحت العينين بشكل دائم، وملحوظ.
- شحوب الوجه، وظهور الحزن عليه بشكل واضح.
- شحوب العينين، وشرودها المستمر.
كيفية التخلص من تأثير السحر
يمكن التخلص من تأثير السحر على المسحور من خلال طريقتين، هما:
الطريقة الأولى
وتضمن التخلص من تأثير السحر على حياة المسحور بشكل نهائي، وذلك عن طريق العثور على عقد السحر وتمائمه، ومن ثمَّ فك العقد، وإذابتها في الماء، أو إحراقهما، بعد التحصن بقراءة آية الكرسي، والإخلاص، والمعوذتين.
الطريقة الثانية
- قراءة الرقية الشرعية، وتكرارها حتى يزول السحر.
- قراءة سورة البقرة باستمرار، لأنها تطرد الشيطان، وتبطل عمل السحرة.
- القراءة بآيات فك السحر على الماء، والشرب، والاغتسال منه.
- الإكثار من ذكر الله، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، والتسمية قبل فعل الأشياء.
- إزالة صور ذوات الأرواح، والتماثيل من المنزل إن كان هناك ذلك؛ لأنها تمنع دخول الملائكة.
- النوم على وضوء، والمحافظة على أذكار النوم.
وبهذا نكون قد أوضحنا حقيقة السحر، وأنواعه، ومظاهر تأثير السحر على حياة المسحور، وكيفية التغلب عليها، مع ضرورة التذكير بأهمية الرقية الشرعية، والمواظبة عليها للتخلص من السحر وأثره، والرجوع إلى الحياة مرة أخرى بإذن الله.