متى يمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم؟ وشرط الاستشفاء به

متى يمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم؟ وشرط الاستشفاء به

هل يمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم؟

أنزل الله تعالى القرآن وجعله هدى وشفاء للمؤمنين، فيقول تعالى: “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين”، وفي آية أخرى يقول: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ”.

لكن هل يجوز الاستشفاء بالقرآن من الأمراض الجسدية كالشلل، أم هو شفاء لأمراض النفس والروح فقط؟ 

هذا ما نوضحه في المقال بشيء من التفصيل، فتابع معنا.

القرآن شفاءٌ للقلوب أم للأبدان؟

القرآن شفاءٌ للقلوب أم للأبدان؟

يتفق جمهور العلماء من أهل السنة على أن القرآن إذا خالطه يقين صادق، وإيمان راسخ بأن الله هو الشافي؛ يكون شفاءً -بإذن الله- من كل الأدواء النفسية، والجسدية، روى ابن ماجه في سننه من حديث علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “خير الدواء القرآن”.

وروى ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا وَامْرَأَةٌ تُعَالِجُهَا، أَوْ تَرْقِيهَا، فَقَالَ: “عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ”.

ويقول ابن القيم في كتابه زاد المعاد: “قال الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)، والصحيح أن (مِنَ) هنا لبيان الجنس لا التبعيض، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ)، فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة”.

ويكمل كلامه عن شروط تحقق الشفاء بالقرآن فيقول: 

“وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق، وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب، والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحماية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه”.

وكلامه يدل على أن القرآن يشفي الجسد، كما يشفي النفس، وبالتالي يمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم، وذلك لمن وهبه الله بصيرة لفهم الآيات، وإيمانًا بأثرها.

لكن هل يغني القرآن عن استخدام الأدوية العلاجية؟

لا يغني الاستشفاء بالقرآن عن استخدام الأدوية والوصفات الطبية، ولا تعارض بينهما، إذ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشفي بهذا وذاك، يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد:

“وكان علاجه -صلى الله عليه وسلم- للمرض ثلاثة أنواع؛ أحدها بالأدوية الطبيعية، والثاني بالأدوية الإلهية، والثالث بالمركب من الأمرين”.

وقد ثبت استشفاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين، وأقرّ الصحابة على الاستشفاء بسورة الفاتحة من بعض الأمراض الجسدية، لكن هل يجوز الاستشفاء به من كل مرض جسدي، أم يقتصر على ما دلت عليه الأدلة النقلية، وهل يكون علاجًا لجميع حالات الشلل؟

متى يمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم؟

الشلل يكون على نوعين، أحدهما مرض عضوي بحت، والآخر ناتج عن مس الجن، وتختلف طبيعة العلاج وفقًا لنوع المرض، ففي الحالة الأولى قد تنفع الأدوية والصفات الطبية، أما في الثانية فيكون علاج الشلل بالقرآن الكريم فقط، وتفصيل كلا النوعين كالتالي:

1- الشلل العضوي

تعد معظم حالات الشلل من ذلك النوع، ويحدث نتيجة لمشكلة عضوية في الغالب، مثل: 

  • نقص الأكسجين الواصل إلى المخ.
  • التهابات الدماغ أو النخاع الشوكي.
  • اضطرابات المناعة الذاتية.
  • السكتات الدماغية.

وغير ذلك من الأسباب الأخرى، ويكون الجزء المصاب فاقدًا لوظيفته بشكل تام، إلى جانب فقدان الإحساس به.

فلا نكتفي في تلك الحالة بعلاج الشلل بالقرآن الكريم، بل نلتمس علاجه عند الطبيب الكفء مع المواظبة على قراءة القرآن ودعاء الله بالشفاء، واليقين التام بأن المرض والشفاء بيده سبحانه.

2- الشلل بسبب مس الجن

قد يعمد الجن -بسبب خبثه وشراسته- إلى شلل المصاب إما شللًا جزئيًا أو كليًا، ومعظم تلك الحالات تكون مصابة من جن المقابر، أو نتيجة اعتداء المصاب على الجني أولًا سواءً بقصد أو بدون قصد.

ويكون الشلل في تلك الحالة على نوعين، وهما:

الشلل الدائم

وهو أن يتوقف الجسم أو عضو منه عن الحركة بشكل دائم، ورغم تشابهه مع الشلل العضوي، إلا أنه يختلف عنه بعدة علامات، منها:

  • أن يرتعش العضو المصاب بالشلل إذا قُرأت عليه آيات الرقية الشرعية.
  • أن يشعر المريض بيد المعالج إذا وضعها على المكان المصاب.
  • أن يظهر الجني على المريض.

فإن اجتمعت تلك العلامات على المريض؛ يكون الشلل ناتجًا عن مس الجن، ويكون علاج الشلل بالقرآن الكريم فقط، فلا تنفع معه الأدوية ولا الجلسات الطبية، وإن لم تظهر عليه الأعراض السابقة يكون مرضه عضويًا.

الشلل الرعاش

يصيب الشلل الرعاش عضوًا أو أكثر من جسم المصاب، ونفرق بين العضوي منه والناتج عن مس الجن من خلال قراءة المريض لآيات التحصين والرقية، مع متابعة حركة العضو المصاب، وملاحظة العلامات التالية:

  • توقف الرعشة في العضو المصاب ولو لثانية واحدة، ومن ثم عودتها من جديد.
  • الشعور بالدوخة، أو التنميل، أو الإجهاد أثناء القراءة، أو بعدها.
  • تلعثم المريض في القراءة.

فإن ظهرت تلك العلامات على المريض؛ يكون المرض بسبب مس الجن، وبالتالي يكون علاج الشلل بالقرآن الكريم، وإن لم تظهر عليه فحينها يكون مرضه عضويًا.

اقرأ أيضًا: أبرز أنواع الجن المتلبس بالإنسان

علاج المشلول من الجن

علاج المشلول من الجن

القرآن علاج لأذى الجني مهما كانت شدته، ولا يقدر عليه الشياطين ولا المردة منهم، فطلبك علاج الشلل بآيات القرآن ينفعك -إن شاء الله- إن كان الشلل من الجن، وأكثر ما يفيدك منه:

  • قراءة سورة الرعد على ماء طاهر، ومن ثم الشرب والاغتسال منه.
  • تلاوة آيات المشي وآيات الخلق.
  • ترديد آيات الزجر والوعيد.

هذا إلى جانب عمل الحجامة على العضو المصاب، خاصة إن كان مرضك هو الشلل الدائم، وذلك للتخلص من الدم الفاسد، وتجديد حيوية جسدك، مع المحافظة على ترديد آيات الرقية الشرعية الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

بعض آيات الرقية الشرعية

من بينها نجد:

1- سورة البقرة

فسورة البقرة لها فضل عظيم -بإذن الله- في شفاء السحر والمس، ومما ورد في فضلها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلَة”، أي: السحرة.

وفي حديث آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: “إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة”.

2- المعوذتان والإخلاص

فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحصن بهم نفسه كل ليلة، ويلتمس الشفاء بهم لمن مرض من أهل بيته، رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ: نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي.

في النهاية،القرآن شفاء من كل داء، وبه استشفى الصحابة -رضوان الله عليهم- من الأمراض الجسدية والقلبية، فيمكن علاج الشلل بالقرآن الكريم، خاصة إذا كان الشلل ناتجًا عن السحر، أو مس الجن، لكن الشفاء به لا يكون لأي أحد، إذ يستلزم إيمانًا صادقًا، ويقينًا راسخًا بأن الله وحده هو الشافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *