هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة؟ تعرف على آراء العلماء

هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة؟

يعد إبليس رمزًا للشر والإغواء، وقد لعب دورًا بارزًا في القصص الدينية والتعرض للأنبياء. وازدادت الأسئلة حول هويته ومنشأه، فهل كان إبليس من الجن أم من الملائكة؟ 

في هذا المقال، نناقش الجدل المثار حول هوية إبليس، ونعرض وجهات النظر المتعددة للعلماء حول هذا الموضوع.

أصل إبليس ونشأته

أصل إبليس ونشأته

إبليس هو مخلوق من النار، كان يعيش مع الملائكة، وكان أكثرهم عبودية لله عز وجل، وحين خلق الله آدم، وطلب من الملائكة وإبليس أن يسجدوا له كتكريم واحترام، رفض إبليس السجود، بسبب اعتقاده الخاطئ بأنه أفضل من آدم، لأنه مخلوق من النار، بينما خُلق آدم من الطين.

رفض إبليس لأمر الله عز وجل أدى إلى طرده من رحمة الله ولعنته. ومنذ ذلك الحين، أصبح إبليس أكبر عدو للبشرية، إذ يسعى لإغواء البشر، وإضلالهم عن طريق الشر والمعصية، ويعمل جاهدًا لإثارة الفتن، إبعاد الناس عن طاعة الله جل وعلا.

تحمل هذه القصة تحذيرًا قويًا للمؤمنين من الانحراف عن طاعة الله، وإعمال إرادة الشيطان، وتُذكر المؤمنين بأهمية الاستقامة، واتباع الحق، والابتعاد عن الشرور التي يحاول الشيطان زرعها في قلوب الناس.

اقرأ أيضًا: صرخات إبليس الأربعة

هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة؟

الجدل حول هوية إبليس موجود منذ وقت طويل بين العلماء والفقهاء، فبعضهم يرى أنه كان ملكًا، والبعض الآخر يرى أنه من الجن، وكلاهما معه دليل على كلامه، فنجد: 

الرأي الأول: إبليس كجن

يقول أبو إسحاق: “أجمعنا أن الملائكة لا تتناكح، ولا لها ذرية، وكان لإبليس ذرية دل على أنه من غيرها”.

ويستدل بقول الحسن البصري: “لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين”. قال أبو يعلى: فإن قيل فقد قال تعالى: “إلا إبليس كان من الجن”؟ قال: قبل هذا إخبار عما كان مستتراً فيه من معصية الله عزَّ وجلّ ومخالفة أمره، لأن اشتقاق الجن من الاستتار، ومنه قوله في الجنين جنين لاستتاره في بطن أمه، ومنه سمي المجنون مجنوناً، لأنه قد ستر بالخبال عقله.

وقال أبو إسحاق أيضًا حول هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة إن إبليس له شهوة، فقد حدثت الشهوة في هاروت وماروت بعد أن هبطا إلى الأرض، وقيل: إنهما هويا امرأة، وقد كانا ملكين، وإذا ثبت أنه من الملائكة وأنه محي من ديوانهم لما كان منه من العصيان، وكذلك هاروت وماروت. 

هذا الجدل يظهر التنوع في التفسيرات والوجهات نحو هوية إبليس ويسهم في الفهم العميق لهذه الشخصية.

اقرأ أيضًا: تكليف الجن: هل الجن مكلف بنفس عبادات الإنس؟

الرأي الثاني: إبليس كملك

استكمالًا لعرض الآراء حول هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة فيقول البعض إن الجن نوع من الملائكة، إذ نجد أبا بكر عبد العزيز يقول: قال الله تعالى: “وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس”، والاستثناء دائمًا ما يكون من نفس الجنس في لغة العرب.

وقال الشيخ أيضًا إن إبليس لو لم يكن من الملائكة ما كان مأمورًا بالسجود لآدم عليه السلام، لأن السجود كان أمرًا للملائكة.

وقد ذكر في كتاب “التفسير” عن ابن عباس وابن مسعود: جُعل إبليس على ملك سماء الدنيا، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم: الجن، وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة، وكان ملكه خازناً. 

وبالتالي فكلام أبي بكر يؤكد أن إبليس من جملة الملائكة. 

وتبعًا لما جاء في كتاب “آكام المرجان في أحكام الجن” حول هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة فقد ذكر الطبري في تاريخه قول ابن عباس فقال: حدثنا القاسم بن الحسن، حدثنا الحسين بن داود، حدثني حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة، وكان خازناً على الجنان، وكان له سلطان سماء الدنيا، وكان له سلطان الأرض. 

وعن ابن جريج عن صالح مولى التوأمة وشريك بن أبي نمر أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس قال: “إن من الملائكة قبيلة من الجن كان إبليس منها، وكان ما بين السماء والأرض يسوس”.

وقيل: حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا نصر بن علي، حدثنا نوح بن قيس عن أبي يسر بن جزور عن قتادة قال: “كان إبليس عاشر عشرة من الملائكة على الريح”.

قال الطبري: حدثنا أبو كريب عثمان بن سعيد، حدثنا بشر بن عمار عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة. 

وقال: “وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت”، وخلق الإنسان من طين، فأول من سكن الأرض بنو الجن، فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضاً فبعث الله تعالى إليهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور، وأطراف الجبال.

فلما فعل إبليس ذلك اغتر في نفسه وقال: قد صنعت شيئاً لم يصنعه أحد، فاطلع الله ذلك قلبه ولم يطلع عليه الملائكة الذين كانوا معه”.

اقرأ أيضًا: هل هناك أنبياء من الجن؟ 

كيفية الوقاية من شرور إبليس

كيفية الوقاية من شرور إبليس

الأهم من معرفة هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة هو إدراك كيفية وقاية النفس من ألاعيب إبليس وشروره، فسواء كان من الجن أو الملائكة فهو مخلوق عاصٍ، وهدفه إغواء البشر، ليكون مصيرهم النار مثل مصيره والعياذ بالله. 

لذا وجب علينا معرفة سبل الوقاية من شروره، ومن أهمها: 

1- التقرب إلى الله عز وجل

احرص على الاستعانة بالله عز وجل، وتعزيز العلاقة بينك وبينه بأداء الصلوات المفروضة، والأعمال الصالحة، والتفكر في آيات الله. 

توكل على الله، واطلب منه المغفرة، والحماية، والعزيمة لمواجهة شرور إبليس.

2- دراسة وفهم القرآن الكريم

تعد دراسة وفهم القرآن الكريم سبيلًا للوقاية من شرور إبليس، فمن خلالها يكتسب المؤمن المعرفة والإرشاد اللازمين للتصدي للشرور والفتن التي يحاول إبليس زرعها.

3- اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

لا بد من اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتطبيق تعاليمه في الحياة اليومية، فهو القدوة الحسنة في مقاومة الشر، والتصدي لإغواءات إبليس. 

من خلال تعظيم الأخلاق الحميدة، والأعمال الصالحة، والتزام العدل والصدق والإحسان، يقوى الحصن النفسي للمؤمن، ويتمكن من الحفاظ على سلامته من شرور إبليس بإذن الله.

4- الابتعاد عن المعاصي والمحرمات

للوقاية من شرور إبليس، يجب أن يتجنب المؤمن المعاصي والمحرمات كالكذب، والغيبة، والخيانة، والظلم، والانحرافات الأخرى التي تفتح بابًا لتأثير إبليس. 

5- الالتزام بقراءة الأذكار

الأذكار هي وسيلة فعالة للوقاية من شرور إبليس، لذا احرص على تكرار أذكار الصباح والمساء، والأذكار الموصوفة في السنة النبوية للتحصين، وقراءة الرقية الشرعية باستمرار. 

من المهم أن نلاحظ أن الوقاية من شرور إبليس ليست مجرد إجراءات خارجية، ولكنها تتطلب أيضًا تعزيز القوة الروحية والعقلية للمؤمن، ويجب علينا أن نكون مدركين لشرور إبليس ومؤامراته، وأن نتخذ الخطوات اللازمة للحفاظ على وفاقنا مع الله وتعزيز الحكمة والتقوى داخلنا.

الخلاصة

إن إبليس -سواء كان من الجن أو الملائكة- يظل عدوًا للبشرية على مر العصور، فقصته وهويته تحمل عبرة قوية حول العصيان والتمرد على أوامر الله، وإيمانك بالله عز وجل هو سلاحك لمواجهة شروره.

أما عن الجدل حول هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة فلا يزال قائمًا، والأهم هنا هو معرفة كيفية تحصين النفس من إغراءات إبليس. 

فلنعمل جاهدين للحفاظ على إيماننا، والبقاء على سبل الصلاح، للتغلب على إبليس وجنوده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *