ما هي صرخات إبليس الأربعة وأسبابها؟

صرخات إبليس الأربعة

ما هي صرخات إبليس الأربعة؟ 

إبليس هو عدو الإنسان الأول، فهو موجود على الأرض لإغوائه، وإبعاده عن طريق الصواب والحق، ومهمته الوحيدة هو هلاك الإنسان، وأن تكون نهايته النار.

إذ يغضب إبليس عندما يتقرب العبد إلى ربه، ويستعيذ به ليبعد عنه الشيطان وخبثه، وهناك أحداث عند وقوعها صرخ إبليس ونخر.

ومن ثم نعرض لك من خلال المقال من هو إبليس وأصله، وصرخاته، والأحداث المرتبطة بها.

نبذة عن إبليس وأصله

من هو إبليس؟

إبليس هو اسم الشيطان قبل تمرده على أوامر الله، فإبليس هو اسم علم، ويعني اليأس، والندم، والحزن، والقنوط من رحمة الله، أما الشيطان فهو وصف، ويعني كل متمرد من الإنس، والجن، والدواب، والطير، فهناك شيطان إنسي، وشيطان جني.

إذ نلاحظ في الآيات الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ذكره باسم إبليس قبل عصيان أوامره، ووصفه بالشيطان بعد تمرده.

وظهر ذلك في سورة طه قوله تعالى: “وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى (116) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (117) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119) فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد ومُلك لا يبلى”.

وقبل أن نذكر لك صرخات إبليس الأربعة؛ سنجاوب عن سؤال أصل تكوين إبليس؛ هل هو جن أم من الملائكة؟

ذكر ابن كثير في كتاب “البداية والنهاية” في فصل خلق الجان وقصة الشيطان أن إبليس من الجان وخلق من النار، واستند لقول الله عز وجل في سورة الرحمن: “خلق الإنسان من صلصالٍ كالفخار، وخلق الجان من مارجٍ من نار، فبأي آلاء ربكما تُكذِبان”، وقال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، أنه خُلِق من طرف اللهب، وخلقت الملائكة من نور.

اقرأ أيضًا: تكليف الجن: هل الجن مكلف بنفس عبادات الإنس؟

وقال بعض علماء التفسير عن كونه من الملائكة، أن الجن خلقت قبل آدم عليه السلام، وورد عن السدي في تفسيره: “لما فرغ الله من خلق ما أحب، استوى على العرش، فجعل إبليس على مُلك الدنيا، وكان من إحدى قبائل الملائكة ويقال لهم الجن، وسموا بذلك لأنهم خُزان الجنة، وكان إبليس خازناً مع ملكه”.

وتعود الكثير من الروايات عن إبليس في الإسلام لابن عباس، إذ قال عنه: “إن الجن لما أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء، أرسل الله إليهم إبليس، وكان اسمه عزازيل قبل ارتكابه المعصية، وكان من أشد الملائكة، وأكثرهم علماً  واجتهادًا، وكان من حي يقال لهم الجن”.

أما عن كونه من الجن، ذهب البصري برأي مخالف عن ابن عباس وقال: “كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة، فأسره بعضهم، وذهب به إلى السماء”.

ويقول الشعراوي في كتابه “معجزة القرآن” في إجابة سؤال هل كان إبليس يعيش مع الملائكة وقت أن أمره الله بالسجود أن بعض الأقاويل تقول أن الجن والملائكة تعيش في مكانٍ واحد، ولكن هذا القول يحد من قدرات الله الذي لا يحده مكان ولا زمان، وأن إبليس ولو كان في آخر الدنيا، فإن الله باستطاعته أن يوصل أمر السجود إلى إبليس، والملائكة في نفس اللحظة”.

وعندما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، استكبر إبليس عن السجود، لأنه مخلوق من نار، وآدم من الطين، ورأى أنه أكرم منه، فأبعده الله من رحمته، وأنزله من مرتبته، فقد تشبه بالملائكة، فخانه طبعه وأصله، وأُهبط إبليس من الملأ الأعلى إلى الأرض مذءوماً، وذليلاً، متوعداً بالنار هو وأعوانه، ومن اتبعه من الإنس.

اقرأ أيضًا: هل كان إبليس من الجن أم من الملائكة؟

ما هي صرخات إبليس الأربعة؟

ما هي صرخات إبليس الأربعة؟

لم يتقبل إبليس طرده من ملكوت الله، وفكر في الانتقام من ابن آدم لأنه السبب فيما حدث له، فأصبح كل من يتبعه يفرحه، وكل من اتبع طريق الله أغضبه، وحاول جاهداً إبعاده.

إذ ورد في الأثر  عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد رحمه الله قال: “رنّ إبليس أربعاً حين لُعِن، وحين أُهبط، وحين بُعث محمد صلى الله عليه وسلم، وبُعِث على فترةٍ من الرسل، وحين أُنزلت الحمد لله رب العالمين، قال: نزلت بالمدينة، وكان يقال الرنة والنّخِرة من الشيطان فلعن الله من رَنَ أو نخر”. 

ويمكن تفصيل تلك الصرخات كالتالي: 

1- صراخ الشيطان يوم أُحد

روى البخاري ومسلم في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: “هُزم المشركون يوم أُحد هزيمةً بينةً تُعرف فيهم، فصرخ إبليس، أي عباد الله، أخراكم! فرجعت أولاهم، فاجتلدت هي وأخراهم”.

واحدة من صرخات إبليس الأربعة هي صرخته يوم أُحد، فكان يصرخ في أتباعه يوم الهزيمة، ولكنهم ولوا مدبرين، وتفرقوا، وحلت بهم الهزيمة، فصرخ الشيطان بأخراكم: أي أدركوا مؤخرة جيشكم قبل أن تُهزموا، فسمعوا صراخه، فالتحم أول الجيش بآخره، والتفوا حول جيش المسلمين الذين انشغل بعضهم بالغنيمة.

وحينها صرخ الشيطان للمرة الثانية وقال: “قُتل محمد”، فلم يُشك فيه حتى طلع رسول الله بين السعدين، وفرح المسلمون كأنه لم يصيبهم شيء.

فقد كان إبليس يصرخ لأعوانه، وينبههم للخطر، ويشجعهم على النصر.

اقرأ أيضًا: عرش إبليس على البحر: تفسير وأصول هذه القصة

2- صراخ الشيطان من رأس العقبة وقت البيعة

أما الثانية من صرخات إبليس الأربعة كانت يوم العقبة، يوم قدوم وفد من الأوس والخزرج في الحج لبيعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الرسول الكريم: “الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أُحارب من حاربتم، وأُسالم من سالمتم”.

وفي ذلك الوقت سمعوا صراخاً عالياً، كما روى أحمد والحاكم وغيرهم، فقد صرخ الشيطان من رأس العقبة بأشد صوت سمعته قط، وقال: يا أهل الجُباجب وتعني “المنازل”، هل لكم في مُذمّم ويعني مُحمد، والصُباة معه، فقد أجمعوا على حربكم.

فقال القوم من الصارخ؟ رد رسول الله قائلاً: “هذا أزب العقبة، اسمع أي عدو الله، أما والله لأفرُغن لك، ثم قال ارفعوا إلي رِحالكم”.

3- صراخ الشيطان في بدر

أما الثالثة من صرخات إبليس الأربعة، فقد ذكرها البيهقي في دلائل النبوة: أن الشيطان جاء في صورة سُراقة بن مالك بن جعشم، وقال للمشركين: لا غالب لكم اليوم، وإني جار لكم، فلما اصطف القوم، قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره.

وقال الرسول: “يا رب، إن تَهْلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض أبدًا”، فرد جبريل: خُذ قبضةً من التراب، فرمى بها وجوه الكافرين، فأصاب أعينهم، وأنفهم، وفمهم بالتراب، فولوا مدبرين، وأقبل جبريل إلى إبليس، وكان ممسكاً بيد أحد المشركين، فأفلت يده عنه، فقال له: يا سُراقة ألم تزعم أنك لنا جار؟

قال:” إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب”، وذلك حين رأى الملائكة، وهنا كانت واحدة من صرخات إبليس الأربعة وهو يقول: إني أرى ما لا ترون. 

4- صراخ الشيطان عند نزول فاتحة الكتاب

نزول فاتحة الكتاب كان سببًا لواحدة من صرخات إبليس الأربعة، إذ روى ابن الضريس في فضائل القرآن، وقال: أخبر محمد بن نمير، قال: حدثنا معلى بن أسد، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: ” لما نزلت الحمد لله رب العالمين شق على إبليس مشقة عظيمة شديدة، ورن رنةً شديدةً، ونخر نخرةً شديدةً، قال مجاهد: فمن رنّ ونخر فهو ملعون”. 

وورد أيضاً عن الحسن بن محمد الطنافسي، قال: حدثنا أبو بكر، عن عبد العزيز بن رفيع قال: “لما أُنزلت فاتحة الكتاب رن إبليس كرنته يوم لُعن”. 

ومع ذلك يُحتمل أن يكون عبد العزيز نقله عن مجاهد؛ لأنه معدود من الرواة عنه. 

ورواه الطبراني في المعجم الأوسط قال: حدثنا عبيد بن غنام قال أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: أخبرنا أبو الأحوص، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي هريرة:” أن إبليس رن حين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت المدينة”. 

ولكن لم يتم إسناد هذا الحديث إلى الرسول، فيكون بهذا خبراً منقطعاً، ولكنه ثابت من قول مجاهد. 

وبذلك نكون ذكرنا لك كل ما ذُكر عن صرخات إبليس الأربعة، ولكن ستظل صرخات إبليس وأعوانه على مر الزمان، ولن ينتهي حتى قيام الساعة، ما دام الصراع مستمراً بين الحق والباطل.

فعن رواية أبي هريرة عن النبي قال: “لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ.

فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيرد المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويصبح ثلث لا يفتنون أبداً، ويبلغون القسطنطينية، فيفتحون.

فبينما هم يقسمون غنائمهم، وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان، إن المسيح خلفكم في أهليكم، اللهم ادفع عنا السوء كيف شئت وبما شئت، إنك على كل شيء قدير”.

اقرأ أيضًا: تفاصيل حوار إبليس مع موسى عليه السلام و 6 دروس مستفادة

وأخيراً، ذكر عن صرخات إبليس الأربعة؛ أنه صرخ حين لُعن، وأُهبط، وبُعث النبي، وأُنزلت فاتحة الكتاب، وذُكر صرخات له في مواقف كثيرة حتى يغوي المسلمين، ويفلح الكافرين، وسيظل يصرخ حتى قيام الساعة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *