تعرف على أحاديث الطب النبوي العلاجي الصحيحة

أحاديث الطب النبوي العلاجي الصحيحة من الكتب

من التعاليم الإسلامية المهمة والتي ذُكرت في الكتاب والسنة هي وقاية الجسد والنفس من أي ضرر أو مرض، وحث ديننا على أن نفعل ما يجعلنا دائما في قوة وصحة، إذ قال رسول الله ﷺ: “الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”. 

ومن الجميل أن نجد أن رسولنا ﷺ قد ترك لنا أحاديثًا لها علاقة بالطب والتداوي، وقد جُمعت فيما بعد هذه الأحاديث وسميت بأحاديث الطب النبوي، ونجد بها أدوية علاجية لبعض الأمراض، ونصائح وقائية متنوعة. 

وفي هذا المقال نعرض بعض أحاديث الطب النبوي العلاجي الصحيحة، ومعانيها، ونوضح الفرق بينها وبين أحاديث الطب النبوي الوقائي.

ما المقصود بأحاديث الطب النبوي؟

أحاديث الطب النبوي هي جملة شائعة يراد بها كل ما ذُكر عن النبي ﷺ من أحاديث تخص الطب من علاج ووقاية، وما كان يتّطبب به أو يصفه لغيره، ويجب أن نعلم أن كلمة طب نبوي لا تشير اللي الطب بمفهومه الحديث، ولكنها أشمل وأعم من ذلك، فالطب النبوي هو علاج روحاني ونفسي وعقلي فضلاً عن العلاج البدني للفرد والمجتمع والإنسانية في كل العصور.

والمرض نوعان: مرض القلوب، ومرض الأبدان، وكلاهما مذكور في القرآن، فأما مرض القلوب فله نوعان:

  • مرض الشبهة والشك كقول الله تعالى: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضا}.
  • مرض الشهوة في قول الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النبي لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ، إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الذي في قَلْبِهِ مَرَضٌ}. 

ومرض القلوب إنما دواؤه في التعرف على الله معرفة تشمل جميع صفاته وأفعاله وحكمته، وما كنا لنتعلم ذلك إلا بإرسال الله عز وجل الرسل والنبيين، فعندما نريد أن نرجع إلى تداوي القلوب نرجع إلى الرسل وإلى كتاب الله. 

وأما طب الأبدان فيقسم أيضًا إلى قسمين: قسم فطري، إذ يقوم به الإنسان والحيوان بشكل تلقائي مثل: 

  • الجوع
  • العطش
  • الإرهاق
  • البرد

أما الطب العلاجي فهو الطب بمفهومه الذي نعرفه الآن كعلاج الحمى، وألم المعدة بالأدوية أو الأعشاب وهكذا. 

تعرف على أهم 15 طريقة للتداوي بالطب النبوي والرقية الشرعية.

هل أحاديث الطب النبوي من السنة الواجبة؟

إن هذا السؤال من الأسئلة الشائعة التي تتراود في أذهان الكثير من الناس، وهناك اختلاف على الإجابة، فهل أحاديث الطب النبوي العلاجي من السنة الواجبة، أم هي مجرد ممارسات دنيوية كان يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم؟

وهنا نجد مذهبين: 

المذهب الأول: وجوب الأخذ بالطب النبوي

يستند مؤيدي هذا المذهب على أن الرسول ﷺ معصوم من الخطأ في كل أمور الدنيا وكل ما يفعله في الأمور الدنيوية مطابق للواقع، ومثال على ذلك أن ابن القيم في كتابه (الطب النبوي) يذهب إلى إلزامية الأخذ بأقوال وأفعال الرسول ﷺ في الطب.

وقال: “طب النبي صلى الله عليه وسلم متيقن قطعي إلهي، صادر عن الوحي، ومشكاة النبوة، وكمال العقل”.

المذهب الثاني: الأخذ بالطب النبوي ليس واجبًا

يقول أصحاب هذا المذهب أنه لا يجب أن يكون اعتقاد الرسول ﷺ في الأمور الدنيوية مطابقة للواقع، وأن النبوة مرتبطة بالأمور الدينية، أما أمور الطب فهي ليست أمور دينية، ولكن أمور يعتقدها هو كونه إنسان وترجع إلى تجاربه الشخصية.

واستشهدوا ببعض الأحاديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “أنتم أعلم بشؤون دنياكم”، وقوله أيضًا” إنما أنا بشر، فما حدثتكم عن الله فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب”.

أنواع أحاديث الطب النبوي

أنواع أحاديث الطب النبوي

كما ذكرنا أن أحاديث الطب النبوي العلاجي أو الوقائي هي كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مما له علاقة بالعلاج والوقاية من الأمراض، وتنقسم أحاديث الطب النبوي إلى نوعين هما:

أحاديث الطب النبوي الوقائي

هي أحاديث تشمل ما له علاقة بالوقاية من الأمراض والأخذ بوسائل صحة البدن، والحجر الصحى، فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارًا منه” رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا توردوا الممرض على المصح” رواه البخاري.

وأمر الرسول ﷺ باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل عند كل إرادة صلاة، وقد حثنا على النظافة الشخصية في مواطن عديدة لوقايتنا من الأمراض مثل:

  • تقليم الأظافر
  • نتف الإبط
  • حلق العانة
  • غسل اليدين عند القيام من النوم
  • غسل اليدين عند تناول الطعام
  • استعمال السواك دائماً لتنظيف الفم
  • تعهد الشعر بالقص والتسريح
  • تنظيف السبيلين بعد كل تبول أو تغوط . 

ونجد أنه قد أمرنا بأكل الطيبات من الطعام، وتحريم الخبائث منها كالميتة، والخنزير، والدم، وأمرنا بالاعتدال في الطعام والشراب وعدم الإسراف فيهما في قوله ﷺ: “ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”، وقال ﷺ: “المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء”. 

وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا بالزواج، ولا تخفى منافعه الصحية على البدن، ونهى عن مخالطة المرأة الحائض أو النفساء، وفي ذلك فوائد صحية، وحرم علينا الزنا، واتباع اللواط، والاستمناء، وهي أشياء أشد ما تكون ضررًا بالصحة.

أحاديث الطب النبوي العلاجي

أحاديث الطب النبوي العلاجي هي أحاديث ذكرت عن النبي في ما يتعلق بعلاج الأمراض بالأعشاب، والمواد الغذائية الطبيعية، أو بالرقية والدعاء، وقد شرع لنا النبي ﷺ التداوي، واعتبره من الدين، ودعا إليه، وأمر به، فقد قال: “تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع معه شفاءً إلا الهرم” رواه أحمد،  إلا أنه حرم علينا التداوي بالمحرمات كالخمر فقد قال “إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم” رواه البخاري.

ونرى في أحاديث الطب النبوي العلاجي أن النبي ﷺ ذكر وصفات علاجية لبعض الأمراض، كالعسل، وهو غذاء ودواء نافع، وقد ذكر في الأحاديث الاستشفاء بالحبة السوداء، وماء الكمأة، والحجامة، والكي، والسناء، والسَّنُّوت والقسط الهندي، وألبان الإبل، وأبوالها، وتبريد الماء للحمى، والإثمد، وغير ذلك.

ونرى كذلك في مجال أحاديث الطب العلاجي أن الطب النبوي اعتنى عناية فائقة بالعلاج الروحي المعتمد على الاستشفاء بالقرآن الكريم والأدعية الصالحة والاستغاثة بالله سبحانه، ونهانا عن الاستشفاء بالسحر أو اللجوء إلى الدجالين ونحو ذلك.

أكثر أدوية الطب النبوي العلاجي شيوعًا

أكثر أدوية الطب النبوي العلاجي شيوعًا

من أبرز تلك الأدوية نجد: 

1- العسل

جعل الله فيه شفاء للناس، فقال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:68-69].

وقد أوضحت العديد من الأبحاث العلمية الموثوقة فوائد العسل الاستشفائية في معالجة أمراض الجهاز الهضمي، والربو، والقرح، والجروح التي لا تلتئم، وغيرها من الأمراض.

2- الحبة السوداء

قد تداوى رسول الله بالحبة السوداء، وحث على التداوي بها ففي حديث من أحاديث الطب النبوي العلاجي نجد أنه قال: “عليكم بالحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء”، وظهرت في السنوات الأخيرة أبحاثًا علمية تتحدث عن فوائد الحبة السوداء في تقوية جهاز المناعة، وخواصها المضادة للجراثيم والسرطان، وتخفيف التهابات المفاصل وغيرها.

3- زيت الزيتون

أوصى رسول الله ﷺ باستعمال زيت الزيتون فقال: “كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة”، وأكدت الدراسات الحديثة أن زيت الزيتون هو أفضل أنواع الزيوت، وأنه يخفض مستوى الكولسترول في الدم، ويفيد في الوقاية من مرض شرايين القلب، ويخفض ضغط الدم المرتفع.

4- التمور

حثنا رسول الله ﷺ على تناول التمر فقال: “من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر”. فالتمور غنية بالألياف، والألياف تمنع الإمساك، وتقلل من حدوث أمراض القولون والمرارة.

أحاديث الطب النبوي العلاجي الصحيحة

من أبرز أحاديث الطب النبوي العلاجي نجد:

1- هديه ﷺ في علاج الحمى

ثبت في الصحيحين: عن نافع، عن ابن عمرَ، أن النبي ﷺ قال: “إنَّمَا الحُمَّى أو شِدَّةُ الحُمَّى مِنْ فَيحِ جَهنمَ، فَأبْرِدُوُهَا بِالْمَاءِ”.

2- هديه ﷺ في علاج استطلاق البطن

في الصحيحين: من حديث أبى المتوكِّل، عن أبى سعيد الخُدْرِىِّ، “أنَّ رجلًا أتى النبي ﷺ، فقال: إنَّ أخى يشتكى بطنَه وفي رواية: استطلقَ بطنُهُ فقال: «اسْقِهِ عسلا»، فذهب ثم رجع، فقال: قد سقيتُه، فلم يُغنِ عنه شيئا وفى لفْظ: فلَم يزِدْه إلا اسْتِطْلاقا، مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقولُ له: «اسْقِه عَسَلا». فقال لهُ في الثالثةِ أو الرابعةِ: «صَدَقَ اللهُ، وكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ”.

3- هديه ﷺ في علاج الجرح

في الصحيحين عن أبى حازم، أنه سمع سَهْلَ بن سعدٍ يسألُ عما دُووىَ به جُرْحُ رسولِ الله ﷺ يوم أُحُدٍ. فقال: “جُرِحَ وجهُه، وكُسِرَت رَبَاعيتهُ، وهُشِمَت البَيْضةُ على رأسه، وكانت فاطمةُ بنتُ رسول الله ﷺ تغسِلُ الدمَ، وكان علىُّ بن أبى طالب يسكُب عليها بالْمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة الدمَ لا يزيد إلا كَثرةً، أخذت قطعةَ حصيرٍ، فأحرقتْها حتى إذا صارت رَمادا ألصقتهُ بالجُرحِ فاستمسك الدمُ برمَادِ الحصيرِ المعمول من البَرْدِىّ”، وله فِعلٌ قوىٌ في حبس الدم، لأن فيه تجفيفًا قويًا، وقِلَّةَ لذَع، فإنَّ الأدوية قوية التجفيف إذا كان فيها لذعٌ هيَّجت الدمَ وجلبتْه، وهذا الرَّمادُ إذا نُفِخَ وحده، أو مع الخل في أنف الراعِفِ قطعَ رُعافُه.

4- هديه ﷺ في العلاج بشرب العسل والحجامة والكي

ذُكر العسل في أحاديث الطب النبوي العلاجي، ففي صحيح البخاري: عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ، قال: “الشِّفَاءُ في ثلاثٍ: شُرْبَةِ عسلٍ، وشَرْطةِ مِحْجَمٍ، وكَيَّةِ نارٍ، وأنا أنْهى أُمَّتى عن الْكَىِّ»، وقد رُوِى عن النبي ﷺ أنه قال: «خَيْرُ ما تداويتم به الحِجَامَة والفَصْدُ”.

5- هديه ﷺ في علاج الصرع

من حديث عطاء بن أبى رباح، قال: قال ابنُ عباسٍ: ألاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قلتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَت النبي ﷺ فقَالَتْ: إنِّى أُصْرَعُ، وَإنِّى أَتَكَشَّفُ؛ فَادْعُ الله لي، فقَالَ: “إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجنَّةُ؛ وإنْ شِئْتِ دعوتُ اللهَ لكِ أن يُعافِيَكِ”، فقالت: أصبرُ. قالتْ: فإنى أتكشَّفُ، فَادعُ الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها.

اقرأ أيضًا: أسباب صرع الجن للإنس وكيفية العلاج والتحصين

6- هديه ﷺ في علاج عرق النسا

من أحاديث الطب النبوي العلاجي نجد أن قد روى ابن ماجه في سننه من حديث محمد بن سِيرين، عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: “دواءُ عِرْقِ النَّسَا ألْيَةُ شاةٍ أعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثمَّ تُجزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ على الرِّيقِ في كلِّ يومٍ جُزْءٌ”.

وعِرْقُ النَّسَاء هو وجعٌ يبتدىءُ مِن مَفْصِل الوَرِك، وينزل مِن خلفٍ على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتُه، زاد نزولُه، وتُهزَلُ معه الرجلُ والفَخِذُ.

7- هديه ﷺ في علاج حكة الجسم وما يولد القمل

في الصحيحين من حديث قَتادةَ، عن أنس بن مالك قال: “رخَّص رسولُ اللهِ ﷺ لعبد الرَّحمن بن عَوْفٍ، والزُّبَيْر بن العوَّام رضى الله تعالى عنهما في لُبْسِ الحريرِ لِحكَّةٍ كانت بهما”.

وفي رواية: “أنَّ عبدَ الرَّحمن بن عَوْف، والزُّبَير بن العوَّام رضى الله تعالى عنهما، شكَوْا القَمْلَ إلى النبي ﷺ، في غَزاةٍ لهما، فَرَخَّص لهما في قُمُصِ الحرير، ورأيتُه عليهما”.

وهنا نكون قد تعرفنا على أهم أحاديث الطب النبوي العلاجي الصحيحة ولمن أراد أن يُلم بالطب النبوي إلماما قويًا أن يقرأ كتاب ابن القيم في الطب النبوي، فقد ألم بتفاصيل أفعال وأقوال النبي في الطب والتطبيب.

ولا نختم إلا بقول رسول الله عن أهمية نعمة الصحة والحفاظ عليها وغفلتنا عنها، إذ قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” البخاري.

المصادر

كتاب الطب النبوي للذهبي

كتاب الطب النبوي لابن القيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *