لماذا عرش إبليس على البحر؟ تعرف على تفسير وأصول هذه القصة

عرش إبليس على البحر

تبرز قصة “عرش إبليس على البحر” كواحدة من القصص التي تثير الفضول، وتفتح الباب أمام العديد من التساؤلات.

فقد تسأل نفسك، لماذا اختار إبليس وضع عرشه على الماء؟ وهل ذُكرت تفاصيل ذلك في القرآن أو الأحاديث؟ 

لذا نستعرض في هذا المقال أبرز ما ذُكر حول عرش إبليس، ونجيب عن تلك التساؤلات وأكثر، فتابع معنا.

إثبات أن عرش إبليس على الماء

إن إبليس -لعنه الله- حي باقٍ إلى يوم القيامة، وله عرش على الماء، فقد روى مسلم من حديث جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئاً. 

ثم يجيء أحدهما فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول: نعم أنت أنت”. ورواه أحمد في مسنده بنحو من عدة طرق، فقال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا ماعز التميمي عن جابر. 

ورواه أيضاً عن روح عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر وساقه أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري فقال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد: “ما ترى؟ قال: أرى عرشاً على الماء أو قال: على البحر حوله حيات. قال: ذاك عرش إبليس”. 

واستكمالًا لإثبات أن عرش إبليس على البحر فقد قال سنيد في تفسيره: حدثنا أبو بكر بن عياش، وحميد الكندي عن عبادة بن نسي عن أبي ريحانة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن إبليس اتخذ عـرشاً على الماء، ووكل بكل رجل شيطانين، وأجلهما سنة، فإن فتناه وإلا قطع أيديهما وأرجلهما وصلبهما ثم بعث له شيطانين آخرين”. 

قال الحافظ ابن منبه: هذا حديث تفرد به أبو بكر بن عياش. وقال الحافظ الذهبي: هذا حديث غريب منكر لا يعرف إلا بهذا الإسناد

وعن أبي موسى الأشعري قال: “إذا أصبح إبليس بثّ جنوده، فيقول: من أضل اليوم مسلمًا ألبسته التاج، قال: فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته، فيقول: يوشك أن يتزوج، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه، فيقول: يوشك أن يبرهما.

ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت، ويلبسه التاج”.  

اقرأ أيضًا: هل ينام إبليس أم لا؟

لماذا عرش إبليس على البحر؟

وجود عرش إبليس على الماء هو تجسيد للتعظيم الذاتي، والتشجيع لجنوده من الشياطين، فكما ذكر الشيخ أبو إسحاق الحويني أن إبليس في بداية كل صباح يضع عرشه على الماء ويجلس عليه، وفي نهاية اليوم يجمع جنده ليحاسبهم على فتنتهم للعباد، وأقربهم منه منزلة هم أعظمهم فتنة كما ذكرنا.

هل ذُكر عرش إبليس في القرآن؟

هل ذُكر عرش إبليس في القرآن؟

نجد في القرآن قصة إبليس وعصيانه لأمر الله بالسجود لآدم، ولكن لا توجد إشارة بشكل صريح إلى وجود عرش إبليس على البحر.

ففي سورة الأعراف، تروي الآيات 11 إلى 25 قصة إبليس ورفضه السجود لآدم، وفي هذه الآيات يتضح تكبر إبليس وعصيانه لأمر الله جل وعلا.

عرش إبليس ومثلث برمودا

مثلث برمودا هو منطقة في المحيط الأطلسي تشتهر بتقارير عديدة عن اختفاء السفن والطائرات بشكل غامض داخلها. هذه الظاهرة غالبًا ما ترتبط بالأساطير والقصص الخيالية، إذ يعتقد بعض الناس أنها نتيجة لقوى خارقة أو غامضة توجد داخل هذا المثلث.

لكن ما علاقة ذلك بعرش إبليس؟ 

يربط البعض بين مثلث برمودا ومكان تواجد إبليس طالما أن عرش إبليس على البحر، اعتقادًا منهم أن تلك المنطقة قد تكون مقر الشياطين، لكن كل ذلك يدخل تحت بند الاعتقادات التي لا أصل لها في القرآن ولا الأحاديث النبوية. 

فنحن مسلمون موحدون بالله، نأخد الدلالات من كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعلاقة بين عرش إبليس ومثلث برمودا لم ترد إلينا من تلك المصادر.

لكن دعنا نذكرك أن معرفة مكان عرش إبليس ليست هدفًا في حد ذاتها، وإنما هدفنا هو الوقاية من كيد إبليس وجنوده كي نفوز بالجنة.

كيفية الوقاية من كيد إبليس

كيفية الوقاية من كيد إبليس

بعد إيضاح أن عرش إبليس على البحر يأتي الدور على معرفة كيفية الوقاية منه ومن كيده، وقد قال الله تعالى: “إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا” [النساء: 76]، وهناك العديد من الطرق التي تساعدنا في التغلب عليه، ومنها: 

1- الحفاظ على الطاعات وقراءة القرآن

للذكر والقرآن أهمية كبيرة في التخلص من كيد إبليس، وتقوية النفس، فذكر الله يهدئ القلوب، ويبعد الشياطين، وهو وسيلة للبقاء على الطريق الصحيح، وتجنب الإغراءات الشيطانية.

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدَّثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمارة، حدثنا زياد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الشيطانَ واضع خَطْمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خَنَسَ، وإن نسي التقمَ قلبه، فذلك الوسواس الخنّاسُ”.

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن ذرّ بن عبد الله الهمداني، عن عبد الله بن شَدَّاد، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إِنِّي أُحدِّثُ نفسي بالشيء، لأَنْ أخِرَّ من السَّماء أحبُّ إليَّ من أن أتكلم به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوَسوسة.

لذا لا تنس ذكر الله أبدًا، واحرص على تلاوة آية الكرسي، سورة البقرة، والمعوذتين، والأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لتقي نفسك من فتن الشيطان. 

2- تجديد التوبة إلى الله باستمرار

لا بد وأن تتذكر أنك بشر، تصيب وتخطئ، والشيطان دوره هو تزيين المعصية لتقع فيها، فعرش إبليس على البحر يجلس عليه، ويحاسب جنوده على فتنة البشر، لذا ضع في اعتبارك دائمًا أنك مستهدف من عدو لعين. 

وبالتالي يجب عليك تجديد التوبة إلى الله عز وجل، والافتقار إليه، والاستعانة به للتغلب على كيد الشيطان، وشروط التوبة الصادقة، وهي: 

الإخلاص في التوبة

الإخلاص يعني أن تكون لديك نية صادقة في التوبة والتوجه إلى الله، فيجب أن تكون ملتزمًا بأن تعود إلى الله بصدق وإخلاص، وأن تسعى للتغيير الحقيقي في حياتك.

الإقلاع عن المعصية

تتطلب الشروط المرتبطة بالتوبة ترك المعصية والابتعاد عنها، فيجب أن تكون قد قررت بقوة الإرادة أن تدع السلوك الخاطئ، والذنب، وأن تسعى جاهدًا لتجنبهما في المستقبل.

الندم الصادق

يعد الندم الصادق جزءًا هامًا من التوبة، إذ يجب أن تشعر بأسف، وندم حقيقي على ارتكابك للذنب والمعصية، وأن تتوجه إلى الله بندم صادق.

العزم على عدم العودة

تشمل شروط التوبة أيضًا أن يكون لديك العزم والقرار الثابت على عدم العودة إلى السلوك السيئ والمعصية، والعزيمة، لتجاوز التحديات والإغراءات، والمحافظة على سلوكك الصالح.

إدراك الوقت قبل الغرغرة

يشير ذلك إلى أهمية التوبة في الحياة الدنيا قبل حلول الموت، فباب التوبة مفتوح ما لم تُغرغر، لذا يجب عليك أن تدرك أن الوقت محدود، ويجب عليك التوبة والتقرب إلى الله قبل فوات الأوان.

وهناك نقطة أخيرة تتعلق بحقوق العباد، إذ يجب على المرء رد الحقوق إلى أصحابها.

3- طلب العلم الشرعي

بعد معرفتك أن عرش إبليس على البحر وأنه يأمر جنوده بالفتنة، فلا بد وأن تحرص على طلب العلم الشرعي للحفاظ على الاستقامة الدينية، والوقاية من كيد الشيطان، إذ يساعد هذا العلم على: 

فهم الأحكام الشرعية

من خلال طلب العلم الشرعي، يتعرف الفرد على أحكام الدين والقوانين الشرعية التي تحدد الحلال والحرام، مما يساعده على تجنب المعاصي والأفعال التي تعجب الشيطان.

توجيه السلوك الديني

العلم الشرعي يوجه الفرد في ممارسة عباداته وأعماله بطريقة صحيحة، ويعلمه كيفية القرب إلى الله، وتحقيق الاستقامة الشخصية، وبالتالي يزيد من وعيه، ومقاومته للشيطان وأفكاره الضالة.

تقوية العلاقة مع الله

طلب العلم الشرعي يساعد الفرد على تقوية إيمانه، فعندما يكون متصلًا بالله، ويعرف دينه بشكل صحيح، تكون لديه القوة لمواجهة تحديات الحياة، ومغريات الشيطان.

الوقاية من الضلالات

يساعد العلم الشرعي على توجيه الفرد بالمعرفة الصحيحة والمنهج الصحيح في الدين، ويعلم الشخص كيفية التمييز بين الحق والباطل، ويحميه من الوقوع في الضلالات والأفكار الضارة التي يزرعها الشيطان.

الخلاصة

يعود إثبات وجود عرش إبليس على البحر إلى الأحاديث النبوية لكنه ليس مشاراً إليه بشكل صريح في القرآن، وهذا العرش يمثل تعظيم إبليس لنفسه، وتشجيعه لجنوده من الشياطين.

ولحماية أنفسنا من كيد إبليس وفتنه، يجب علينا اللجوء إلى الله، تعزيز الإيمان والتقوى، فالله عز وجل يذكر في كتابه أن كيد إبليس ضعيف، وبالالتزام بتعاليم الإسلام والاقتداء بالأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة، يمكننا الحماية من شرور الشياطين، والوقوف بثبات أمام أي فتنة قد تواجهنا.

المراجع

كتاب البداية والنهاية لابن كثير – الجزء الرابع 

كتاب آكام المرجان في أحكام الجان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *