الجن هم مخلوقات خفية، منهم المسلم ومنهم الجن الكافر، خلقهم الله تعالى من النار، ووجودهم من الأمور المذكورة في دين الإسلام، وكتاب الله عزّ وجل، إذ توجد سورة كاملة اسمها سورة “الجن”.
وقد بُعث نبينا محمد للجن والإنس جميعاً، فالجن أيضاً مكلفون بالتكاليف الشرعية، مأمورون بالإيمان بوحدانية الله، وعبادته وحده لا شريك له واتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا وجد فيهم من أطاع وآمن، ومن عصى وخالف وكفر.
فما حقيقة وجود الجن؟ وما الفرق بين المسلم منهم والكافر؟ تعرف على ذلك وأكثر من خلال هذا المقال.
حقيقة وجود الجن الكافر
لا يخفى على أحد أن الله عز وجل خلق الجن من النار، والملائكة من نور، والإنس من التراب، وهذا لقوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}.
فذُكر في القرآن والسنة أن الجن منهم المسلم والكافر. المسلم هو من استقر على هدى الله وسنة نبيه محمد، وأما من كفر من الجن يسمى بالجن الكافر أو شيطان فهو يتبع الباطل، ويصد الناس عن الحق والهدى.
وثبت في القرآن أن إبليس من الجن، لقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}، لهذا ما الجن الكافر إلا شيطان من ذرية إبليس.
وتجلت رحمة الله بعباده جميعاً ومنهم الجن في قوله في سورة الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا)، فإذا أسلم من تشيطن من الجن الكافر، ورجع إلى الإسلام، وتمسك بعقيدته فهو مثل الإنسان الذي كان كافرًا ثم رجع إلى الله فهداه.
فما الجن الكافر إلا مخلوقات تجوب الأرض ليفسدوا فيها ويأخذوا أهلها إلى الظلام. وهذا ما يجعل سَكنهم في الأماكن النجسة، والبيوت الخالية المهجورة، ويمكن أيضًا إيجادهم في الصحاري.
ولكن تكثر الأحاديث حول الفرق بين الجن المسلم والكافر وهل بُعث نبي منهم أم لا؟
ما الفرق بين الجن الكافر والمسلم؟
قد أُرسل نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن جميعاً، لهذا فالجن مكلفون بالتكاليف الشرعية. إذ كل مُكلف عليه اتباع أوامر الله عز وجل، والبعد عن نواهيه. وهنا ينقسم الجن إلى نوعين وهما:
1- الجن الكافر
ما الجن الكافر إلا شياطين، فهم في الأصل جن مسلم متمرد، قد اختار طريق الضلال. إذ قسم العلماء والمفسرين الجن الكافر إلى نوعين:
إبليس وجنوده
- العفريت وهو أقواهم على حد قول المفسرين
- المارد وهو يليه في القوة
- الشيطان العادي وهو أضعفهم.
مهمة الجن الكافر هي إغواء بني آدم، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه- أن رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- قال: “إذا أصبح إبليس بثَّ جنوده فيقولُ: مَن أضَلَّ اليوم مُسلِمًا أَلبَسْتُه التَّاجَ، قال: فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتَّى طلق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوج، ويجيء هذا فيقولُ: لم أَزَلْ به حتَّى عَقَّ والدَيْهِ، فيقولُ: أوشك أنْ يبَر، ويجيء هذا فيقول: لم أزَلْ به حتَّى أَشْرَكَ، فيقولُ: أَنتَ أنت، ويجيء فيقولُ: لم أَزَلْ به حتَّى زنى، فيقول: أنتَ أنتَ، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتَّى قتل، فيقول: أنتَ أنتَ، ويُلبسه التَّاجَ”.
القرين
هو النوع الثاني من الجن الكافر، ولكن هنا تقتصر مهمته قليلاً. فالقرين من اسمه هو ما يُقرن بالإنسان ويلزم وجوده.
وذُكر أنه قادر على إغواء الشخص والهمس في أذنيه بالشر، لكي يوحي له أن تلك هي أفكاره، ويكون هدف القرين من هذا هو انتحار بني آدم أو موته بأية طريقة أخرى -عافانا الله وإياكم-
وفي هذا قال الله في كتابه: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
فما الجن الكافر إلا مخلوقات مؤذية، لها عقابها في الدار الآخرة، ما لم يرجعون عن كفرهم، ويعودون صالحون مؤمنون بالله ورسوله.
2- الجن المسلم
هو الجن الذي يؤمن بالله تعالى ورسوله، إذ يختلف مكان معيشتهم عن الجن الكافر. فهم لا يسكنون الأماكن النائية، بل يمكن أن يتجولون في أي مكان على وجه الأرض.
ومن ضمن صفات الجن المسلم أنهم لا يؤذون البشر، يُصلون ويصومون. وقد يحضرون دروس الإنس في العِلم أحياناً.
بالإضافة إلى كون الجن يحبون سماع القرآن، وما غير ذلك من الأعمال الحسنة.
وقد أخبر الله سبحانه عن سماع الجن للقرآن من النبي ﷺ في آخر سورة الأحقاف، إذ قال سبحانه: “وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ”. والله تعالى أعلى وأعلم.
علامات تدل على وجود الجن الكافر
تعددت الأعراض، ولكن وجب التنويه أن ليس هناك علامات محددة بعينها، ولكن جميعها ناتج تجارب وخبرات سابقة من قبل المتخصصين، ونجد من أبرزها:
- تحدث الجن على لسان الشخص المتلبس بأصوات غريبة، وربما يقول أشياء لا يعلم عنها إلا صاحبها فقط.
- الإصابة بنوبات هلع قوية مع وجود حركات للجسد غير طبيعية، بمعنى من غير المعتاد أن تصدر من الشخص.
- الشعور بالكسل والخمول المستمر دون وجود سبب عضوي واضح، مما يؤدي إلى النوم لفترات طويلة جداً.
- الأحلام و الرؤى المزعجة المفاجئة، والتي تستمر مع الشخص لفترات طويلة.
- سقوط المتلبس وهو نائم عدة مرات، بالأخص إذا لم تكن هذه عادته.
- التفكير في الانتحار وإيذاء النفس بغير وعي من الشخص المتلبس.
- الصداع الدائم بدون سبب طبي أو سبب خارجي في بيئة الشخص.
- البكاء أو الغضب أثناء الاستماع إلى الرقية الشرعية.
- الإحساس بالتنميل في الأطراف بدون داعٍ.
- النفور عن ذِكر الله عزّ وجل، وقراءة آياته.
وأيضاً الجن الكافر قادرون على اتخاذ أشكال مختلفة من الحيوانات مثل: الكلاب السوداء أو الثعابين، ويجعلونك تعتقد أن أفكارهم وهمساتهم هي أفكارك وإيحاءاتك.
ويجب أن يتجنب المرء التشخيص والظن الذاتي لأي من الأعراض السابقة. ففي البداية عليه أن يأخذ بالأسباب الطبية أو العضوية،ومن ثّم إذا لم يجدي ذلك نفعاً فعليه الاستعانة بمتخصصين وعلماء في القرآن والسنة.
أنواع الطعام عند الجن الكافر
ذكرنا سابقاً أن الجن الكافر يعيش في الأماكن المهجورة والنجسة، ويوجد في الصحاري، فعن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذه الحشوش مُحتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بكلمات الله من الخبث والخبائث).
ولكن هل يأكل الجن مثل الإنس، وهل يُفرق في الطعام بين الجن الكافر والجن المسلم؟
قيل في الجن أنه يتغذى على العظام، والدم، والابخرة، هذا بجانب أكل ما تبقى من طعام وشراب الإنس. والمقصود بالأبخرة هو ما يتبخر من الأكل وهو ساخن.
فلا مانع أن يأكل الجن بنوعيه من العظام أو نبات الأرض في الصحاري، ولكن قُسِم البخور إلى ذو الرائحة الكريهة والرائحة الذكية، إذ يُعد الأخير من أشهر الأطعمة عند الجن المسلم، سواء كانت تلك الرائحة في المنزل أو في أي مكان آخر.
وفي حالة طعام الدم فهو طعام الجن الكافر، لأن الدم مُحرم على الجن المسلم مثله مثل الإنسان تمامًا.
كذلك، فقد دعا رسول الله للجن المسلم خاصاً ما الجن الكافر، أن يرزقهم الله الطعام الذكي.
فحدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني جدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: “ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ، فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: “هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا” صحيح البخاري.
كيفية التحصين من الجن الكافر
في بداية الأمر، ينبغي على المؤمن أن يتحصن بقوة إيمانه وثقته بالله مع حسن الظن الدائم أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير، بعدها يتبع التعوذات الشرعية لحمايته -بإذن المولى- من شرور الجن الكافر.
وتتمثل هذه التحصينات في:
1- الصلاة
تندرج المحافظة على الصلوات في أوقاتها ضمن أول الطرق وأكثرها فعالية حفاظاً على قلب الإنسان، وروحه. فالتعبد إلى الله يحمي المرء، ويمنع عنه الجن والسحر والمس بإذن الله.
2- القرآن
قراءة القرآن في العموم هي خير وجزاء وفير للإنسان، والقرآن يعصم المرء من الشياطين، وذلك لقول الله تعالى: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً)
كذلك قراءة المعوذتين، وآية الكرسي تحفظ قارئها من الجن الكافر، فقيل: ( من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح).
وذكر العلماء أيضاً والمفسرين أن التمسك بقراءة سورة البقرة، وبالأخص خواتيمها كل ليلة، يحفظ الإنسان من كل شر.
3- الأذكار
تُعد كذلك المواظبة على قراءة الأذكار والأدعية صباحاً ومساءً من الأمور التي تحمي الإنس من الجن الكافر. وذكر بالأخص بعض الأذكار مثل:
- (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)
- (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)
- (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)
- (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
4- الطاعات
يمثل أيضاً الالتزام بالطاعات والبُعد عن المعاصي والشهوات عاملًا مهمًا من عوامل التحصن من الجن الكافر والشياطين. فعند رؤية الشيطان شخصاً يُفرط في حق الطاعة لله، يستولي عليه حتى يذله ويُتعبه.
5- الوضوء
تعد المواظبة على الوضوء عند النوم، وأذكار النوم من عوامل التحصين من الجن الكافر، لذا احرص على الوضوء قبل نومك.
اقرأ أيضًا: رقية الجن الكافر في 5 خطوات فعالة
الخلاصة
خلق الله الإنس والجن ليعبدوه، لهذا كان فيهم المسلم والكافر. فما الجن الكافر إلا مخلوقات كفرت بالله، وعصت أوامره.
لهذا وجب التحصن من الجن والشياطين، والاستعانة بمتخصصين إذا ما ظن أحدهم أنه تلبس بجن كافر.