الكلاب من الجن: هل هي حقيقة أم خيال؟

الكلاب من الجن - هل هي حقيقة أم خيال؟

هل الكلاب من الجن؟ 

من الأشكال المشهورة للجن التي يتم ذكرها هي شكل الكلب، فيعتقد البعض أن الجن يمكن أن يتجسد في شكل كلب، للتفاعل مع البشر، والبعض الآخر يرى أن الجن يمكنهم التجسد في أشكال مختلفة، بما في ذلك أشكال بعض الحيوانات. 

نتعرف في هذا المقال على هيئة الجن، ونوضح حقيقة تحول الجن إلى كلاب، فتابع معنا.

أصناف الجن

أصناف أساسية يتشكل عليها الجن

هناك عدة أصناف للجن، فعن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خلق الله تَعَالَى الْجِنّ ثَلَاثَة أَصْنَاف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأَرْض، وصنف كَالرِّيحِ فِي الْهوى، وصنف عَلَيْهِم الْحساب وَالْعِقَاب، وَخلق الله تَعَالَى الْإِنْس ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف كَالْبَهَائِمِ، قَالَ الله -تَعَالَى-: {لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا}، وصنف أَجْسَادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أَرْوَاح الشَّيَاطِين، وصنف فِي ظلّ الله تَعَالَى يَوْم لَا ظلّ الا ظله).

فيقول أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي أن الجن في الأصل قد يتصور ويأتي على ثلاثة أَصناف:

  1. الْحَيَّات.
  2. الكلاب السود.
  3. ريح طيارة أَو هفافة ذُو أَجْنِحَة (السعالي)، وهو الصنف الذي لا يأكل ولا يشرب.

وعَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْجِنّ على ثَلَاثَة أصناف: صنف لَهُم أَجْنِحَة يطيرون فِي الْهَوَاء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلونَ ويظعنون).

والمعنى أن الجن لهم أجسام هوائية لها القدرة على التشكل بأشكال مختلفة، كالكلاب من الجن، والحيات، والعقارب وغيرها.

وهناك ما يحل ويظعن، أي أنهم يقيمون ويستقرون مرة، ومرة أخرى يسافرن ويهاجرون.

ويقول العلماء أن الجن يتطور، فقد يتشكل أيضًا في صور متعددة من الحيوانات، مثل:

  • العقارب.
  • الْإِبِل.
  • البَقر.
  • الْغنم.
  • الْخَيْل.
  • الْبِغَال.
  • الْحمير.
  • الطير.

هل يأتي الجن على صورة إنسان؟

وقد يأتي الجن فِي صور بني آدم، مثلما أَتَى الشيطان قُريشا فِي صورة سراقَة بن مَالك بن جعْشم، عندما أَرَادوا الْخُرُوج إِلَى بدر قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ زين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم وَقَالَ لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم فَلَمَّا تراءت الفئتان نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعقَاب} [الأنفال: ٤٨]

وأيضًا تصور فِي صُورَة شيخ نجدي، عندما اجْتَمعُوا بدار الندوة للتشاور فِي أَمر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل يقتلوه أَو يحبسوه أَو يخرجوه، قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين} [الأنفال: ٣٠]

قَالَ القَاضِي أبو يعلى أنه لا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم، ولكن يُعلّمهم الله -تعالى- ذلك، كأقوال وأفعال يفعلها الجن فتتغير هيئتهم الأصلية إلى هيئة أخرى، كأن يصيرون كالكلاب من الجن أو غيرها من الحيوانات، أو التشكل بهيئة البشر، وكذلك الملائكة.

وقيل أن جبريل عليه السلام تصور في صورة دحية، وفي قوله تَعَالَى: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فتمثل لَهَا بشرًا سويًا}، ففُسر على مَا ذكرنَا أن أقّدره الله على ذلك، فتحول من صورته الأصلية لصورة أخرى وهو البشر.

ومَذْهَب الْمُعْتَزلَة يقول أَن للجن أجسام رقيقة، لذا لا نراها، ويُكثف الله أجسامهم ويقويها في زمان بخلاف زماننا ويمدهم بقدرات ليست موجودة في البشر، ويستدل بذلك القاضي عبد الجبار في قصة سليمان عليه السلام، أنه كَانَ النَّاس يرون الجن وقواهم، فقد كَانُوا يعملون الأعمال الشاقة من المحاريب، والتماثيل، والجفان، والقدور الراسيات، والمقرن فِي الأصفاد، فلا يعمل بذلك إلا الأجسام القوية الكثيفة.

فيقول أبو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ أن الله تعالى فرق بَين الملائكة، والجن، والإنس في الصور والأشكال، وأيضًا فرق بينهم في الصفات.

فقَالَ أهل التَّفْسِير أن الإنسان خلق الله فيه الرّوح والحياة، قال تَعَالَى: {إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة أمشاج نبتليه}. [الإنسان: ٢]

وَقَالَ تَعَالَى {قتل الْإِنْسَان مَا أكفره  من أَي شَيْء خلقه  من نُطْفَة خلقه فقدره، ثمَّ السَّبِيل يسره، ثمَّ أَمَاتَهُ فأقبره، ثمَّ إِذا شَاءَ أنشره} [عبس : ١٧-٢٢]

فهذه الْآيَات وأمثالها تدل على بطلَان قَول أن الإنسان هو الروح، وأنها لم تخلق من طين، وعدم موتها وأنها لا تقبر ولا تنشر، فلو قلب الله تعالى الجن إلى بنية الإنسان خرج عن كونه جنيًا، وكذلك المَلك.

إثبات أن بعض الكلاب من الجن

ورد لنا من العلماء أن هناك جن يتشكّل على هيئة كلاب، فقد استدلوا بأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فحَدثنَا خَالِد عَن أبي قلَابَة عَن النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- قال: (لَوْلَا أَن الْكلاب أمة لأمرت بقتلها وَلَكِن خفت أَن أبيد أمة فَاقْتُلُوا مِنْهَا كل أسود بهيم فَإِنَّهُ جنها).

وقد أخبر -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- أَن مُرور الكلب الأسود يقطع الصَّلَاة، فَقيل لَهُ: مَا بَال الْأَحْمَر من الْأَبْيَض من الْأسود؟ فَقَالَ: الْكَلْب الْأسود شَيْطَان.

فالكلاب من الجن تتشكل من الأسود منهم، وتأتي بصورته كثيرًا، وكذلك القط الأسود؛ لأن القوة الشيطانية من السواد، وفيه قوة الحرارة، لإن الجن والشياطين خُلقت من نار.

وَقَالَ القَاضِي أَبُو يعلى معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ فِي الْكَلْب الْأسود إِنَّه شَيْطَان وَمَعْلُوم، أنه مولود من كلب، فالكلاب السوداء هي أشر الكلاب وأقلها نفعًا، وأيضًا الإبل أنها جن فتشبهها في صعوبتها، وهذا مثلما يُقال لفلان شيطان أي مؤذي، وصعب التعامل معه.

وعن ابْن عَبَّاس يَقُول وَهُوَ على مِنْبَر الْبَصْرَة: “إِن الْكلاب من الْجِنّ وَهِي ضعفة الْجِنّ فَمن غشيه كلب على طَعَام فليطعمه أَو ليؤخره”.

هل ترى الكلاب الجن والشياطين؟

هل ترى الكلاب الجن والشياطين؟

الكلب من الحيوانات التي كشف الله -تعالى- عنها أشياء لا نراها نحن؛ فهي ترى الجن والشياطين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سمعتُم نُباحَ الكلبِ بالليل أو نهاقَ الحميرِ؛ فتعوَّذوا بالله؛ فإنهم يَرون ما لا تَرَوْن). [أخرجه أبو داود، وقال الألباني: رجاله من رجال الشيخين]

فقد ترى الكلاب الجن، ويدل ذلك على أن الكلاب والحمير يرون الجن والشياطين، فيفزعون منهم، ويصدرون صوتًا، لذا يجب علينا الاستعاذة بالله -تعالى- من الشيطان الرجيم عند سماع صوتهما، وأيضًا ممكن أن تتشكّل الكلاب من الجن، كما ذكرنا من قبل.

ويقول الدكتور عمر الأشقر: “ورؤية الحيوان لما لا نرى ليس غريباً، فقد تحقق العلماء من قدرة بعض الأحياء على رؤية ما لا نراه، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك فإنّه يرى الشمس حال الغيم، والبومة ترى الفأر في ظلمة الليل البهيم” والله -تعالى- أعلم.

كيفية الوقاية من ضرر الجن

إليك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها سواء للوقاية من الكلاب من الجن أو للوقاية بوجه عام:

قرآءة القرآن

تعد قراءة القرآن الكريم والاستماع إليه وقاية قوية من الجن. فواظب على أن تقرأ القرآن بانتظام وتستمع إلى تلاواته.

الأذكار والدعاء

احرص على قراءة الرقية الشرعية باستمرار، والتوكل على الله، فقوة الإيمان والاعتماد على الله هي إحدى الطرق الأساسية للوقاية من شر الجن.

تعرف على: ضوابط وشروط الرقية الشرعية الصحيحة

الاستعاذة بالله

تعد الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان والجن من وسائل الوقاية المنصوص عليها، فلا تغفل عن قول “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.

المواظبة على الطاعات

الحفاظ على الطهارة الجسدية والروحية مهم للوقاية من الجن، فحافظ على الوضوء والصلاة والاستمرار في أعمال الخير والتقرب إلى الله -عز وجل- يحميك من شرور الجن والإنس.

تجنب الأماكن المظلمة والمهجورة

يُعتقد أن الجن يسكنون الأماكن المظلمة والمهجورة، فحاول تجنب دخول هذه الأماكن قدر الإمكان، أو اتخذ إجراءات الحيطة اللازمة.

عدم التعامل مع الممارسات السحرية

تجنب الاتصال بالسحرة والتعامل مع أمور السحر أو الشعوذة، إذ تفتح هذه الممارسات بابًا لتأثير الجن، إلى جانب أنها محرمة شرعًا.

الخلاصة

كان ذلك أهم ما جاء في أصناف الجن وهيئاته المختلفة، فهناك الكلاب من الجن، وغيرها من سائر الحيوانات كالإبل، والبقر، وأيضًا قد يتشكل الجن على هيئة بشر كما ذكرنا.

لكن لا داعٍ للشعور بالقلق أو الخوف من هذا الأمر، فالأذكار لها قوة وتأثير في حمايتنا من الشرور والمخاطر، بغض النظر عما إذا كانت تأتي من الجن أو غيرها، فالأذكار تعزز الثقة والطمأنينة، وتخلق حاجزًا وقائيًا ضد أي قوى سلبية قد تتجاوز قدرتنا على فهمها أو التصدي لها.

المصادر

كتاب الموسوعة العقدية 

كتاب آكام المرجان في أحكام الجان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *