إذا تيقن الشخص بإصابته بنوع من أنواع السحر فإنه يبحث جاهدًا عن الساحر المتسبب في ذلك، خاصة لو أصيب بالسحر المدفون، إذ يبحث عن الساحر لإخراج السحر من مكانه.
نرشدك في هذا المقال إلى كيفية معرفة فاعل السحر بطرق صحيحة بعيدًا عن الإشاعات والظنون.
لماذا يبحث البعض عن فاعل السحر؟
يسعى بعض مِن ضعفاء النفس وشياطين الإنس لإيذاء غيرهم عن طريق السحر، وإن حدث وأصاب السحر هدفه، وأُصيب به الشخص، فإن المسحور ربما يبحث عن ساحره بإلحاح للانتقام منه وفضحه، وهذا ليس الهدف من هذا المقال.
إنما يعد البحث عن فاعل السحر أمرًا مطلوبًا لو كان ذلك يُساعد على التخلص من السحر وفكّه، أو كان الشخص مصابًا بسحر مدفون يجب إخراجه من مكانه، وهنا لعلك تتساءل، هل يجب معرفة فاعل السحر للتخلص منه؟
والحقيقة أنه في غالب الأمر تستطيع -بحول الله وقوته- الشفاء منه بالرقية الشرعية إلا في بعض الحالات تحتاج معرفة الفاعل.
اقرأ أيضًا: مقال طريقك للراحة النفسية | الرقية الشرعية لتهدئة الأعصاب.
ضوابط يجب مراعاتها عند البحث عن فاعل السحر
قبل التفصيل في كيفية معرفة فاعل السحر يجب التأكيد على بعض الأمور الثابتة والمعتمدة في ديننا الحنيف:
خطورة الاتهام ورمي الناس بالباطل
لا يجوز الانسياق وراء الظنون والتخيلات، لاتهام بريء بأنه المتسبب لك في هذا الأذى، فإن اتهام الناس بالباطل من الأمور العظيمة في ديننا التي حذرنا الله منها في قوله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”، وحال المسحور هو الالتجاء إلى الله والحرص على طاعته، لتخليص نفسه من السحر، لذلك يجب ألا ينجرف وراء ظنونه، وارتكاب ذلك الذنب.
عدم اللجوء إلى العرافين والمشعوذين
لا يجد الإنسان خيرًا عند اللجوء للدجالين والمشعوذين، بل لا يزيده ذلك إلا غضبًا من الله، إذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد”، فالعرافين والكُهان يستعينون بالشياطين في أعمالهم، ويضلون الناس.
بعض الطرق لا دليل عليها
توجد الكثير من الطرق المنتشرة لكيفية معرفة فاعل السحر، كقول أذكار بعينها أو شُرب بعض المواد بهيئة لم تأتينا في القرآن أو قالها أحد من العلماء، ولكن أغلب تلك الطرق لا أصل لها، ولم نعثر على دليلٍ لصحتها لذا آثرنا ألا نذكرها لك، ونعتمد الطرق الصحيحة.
اقرأ أيضًا: تأثير السحر على حياة المسحور
3 طرق صحيحة لكيفية معرفة فاعل السحر
تجد بين الخيال والتخمين طرق منضبطة للتعرف على فاعل السحر، وهي:
الاعتراف على نفسه
تُعد هذه الطريقة هي الأصدق من غيرها، وتكون بأن يأتي الشخص ويصارحك بأنه المتسبب في فعل السحر، وغالبًا ما يكون سبب ذلك هو ندمه على ما فعل، أو من كثرة دعائك بأن يعرفك الله عليه، وأن يتوب الساحر ويرجع إلى الله، ويجب هنا معرفة تفاصيل الأمور منه لفك السحر، وإخراجه لو كان سحرًا مدفونًا.
يشهد عليه أحدهم أو الحصول على بيّنة
حكّمنا الشرع الشريف بقواعد ثابتة لا نحيد عنها، وحذرنا من الظلم ورمي الناس بالباطل، كذلك طالب الشخص بأنه لا يجوز أن يدعي على غيره بشيء إلا لو كان يملك بينة دامغة.
طريقة أخرى لكيفية معرفة فاعل السحر أن يعترف شاهدين بأنه فعل ذلك على مرأى منهم، واحترز أن تستبيح لنفسك أن تلجأ لشهود زور أو تصدقهم لمجرد أنك تريد أن تتهم أحدهم، وتثبت التهمة عليه، فإن انخدع الناس بكلامك صدقوه فإن الله لا يخدع.
الدعاء ورؤيته في المنام
يسعى المؤمن لطرق باب الدعاء كلما ضاق به أمره، أو تمنى حدوث شيءٍ، فيُلح على الله في الدعاء، ويتحرى أوقات الإجابة بأن يدعي لرؤيته في المنام أو أن يُعرفه الله عليه، ومنها الدعاء: “اللهم أرني في منامي رؤيا تبيّن فيها علّتي وسببها وعلاجها”.
كثرت النصائح لقول أذكار معينة لتحقيق هذا الهدف منهم ذكر: “حسبي الله ونعم الوكيل”، وكثرة الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في فضل الدعاء وأنه طريقة معتمدة لكيفية معرفة فاعل السحر ما كان من قصة السحر للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
قصة السحر للنبي وحديث كيفية معرفة فاعل السحر ومكانه
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مُحصنًا بالله، وهو أفضل الخلق، ومع ذلك فقد دبر له أحد اليهود، وعقد له سحرًا، وعُرف فاعل للسحر ومكانه في حديثٍ في البخاري روته السيدة عائشة، وهو:
“أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ: “أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ”. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “جَاءَنِي رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي ذَرْوَانَ، وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ”.
أخبرتنا السيدة عائشة أن النبي أتى البئر ثم رجع إليها فقال: “وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ”، ولما سئل النبي هل أخرج السحر أم لا أجاب: “أمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا”
ماذا أفعل لو عرفت فاعل السحر؟
لعلك تتساءل بعد الوصول لكيفية معرفة فاعل السحر، فماذا أفعل معه؟ ونلخص ذلك في عدة حالات:
- لو ما يزال الشخص مصابًا بالسحر ولم يخرج من جسده، فمعرفة الفاعل يمكن تساعده في خروج السحر.
- عندما يصاب الشخص بالسحر المدفون لو علم بالفاعل فإنه يخرج السحر المدفون من مقره، وإن شفي يمكن أن يدعه كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- إذا عملت بالفاعل ولكنه تاب عما فعل وندم عليه، مطالبًا إياك مسامحته، فسلامة لقلبك، وصونًا له من الحقد، والرغبة في الانتقام ولكي تؤجر من المولى فسامحه.
أخيرًا؛ لا ينبغي أن تهلك نفسك في البحث حول كيفية معرفة فاعل السحر، واعلم أنك إذا ابتليت بسحر فإن ذلك بلاء واختبار، واستخدم الطرق الشرعية للتخلص منه.