تتجلى أهمية احترام اللباس والنظافة الشخصية في تعاليم الديانة الإسلامية، وهنا ينشأ التساؤل: هل المشي في نعل واحدة مخالفة لهذه التعاليم؟ وهل يعد ذلك من الأشياء المكروهة؟
يجد الفقهاء الإسلاميون أنفسهم في مواقف متباينة حيال هذا الموضوع، وتتعدد الآراء والتفسيرات الشرعية، والتى نلقي الضوء عليها في هذا المقال بشكل شامل، إذ نتناول جميع وجهات النظر المختلفة والمتعلقة بهذا السلوك، ونوضح المحظورات والمباحات به.
ما هي آداب لبس النعل في الإسلام؟
من آداب الإسلام الحفاظ على المظهر العام، والنظافة الشخصية، وعدم الإتيان بفعل مخالف، فأقر الكثير من الآداب مثل آداب تناول الطعام، وآداب المشي في الطرقات، وما إلى ذلك، تهذيبًا للمؤمن.
وقد روي حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع” [رواه البخاري: 5855].
وهذا يدل على استحباب البدء باليمين في اللباس، وفي مسار حياتنا جميعها، وهو سنة يؤجر عليها الإنسان المسلم.
وأيضًا من المستحب أن تتفقد حذائك، وتزيل أي عائق به إذا أردت دخول المسجد، ويجوز تطهيره بالتراب، والدخول به، ووضعه بين رجليك حتى لا يكون عائقًا لأحد.
ومن ضمن الآداب المستحبة في الإسلام ارتداء الحذاء وأنت جالس إذا كان به أربطة للرجل، أما إذا كان الحذاء سهل الارتداء فلا مانع من لبسه وأنت قائم.
اقرأ أيضًا: ما السبب وراء منع خروج الأطفال وقت المغرب؟
ماذا يعني المشي في نعل واحدة في الإسلام؟
هو المشي بحذاء واحد دون ارتداء الحذاء الآخر، وفي الأساس جاء في أحد الأحاديث أمرًا مباشرًا في موضوع ارتداء الحذاء، حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم “استكثروا من النعال، فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل” [رواه مسلم: 5615].
فقد أوضح أن انتعال الحذاء سلامة للرجل، فالشخص الحافي يجد العديد من التعثرات والآلام.
بالإضافة إلى أن الحذاء يقي المسلم من المشي غير المستقيم الذي لا يدل على الوقار، ويعد ذلك ضد طباع الدين الإسلامي.
ما هي الأدلة التي تدل على حظر المشي بحذاء واحد؟
نجد العديد من الأدلة في الإسلام على عدم المشي في نعل واحدة، والتنبيه على أنه أمر مكروه في الدين الإسلامي، وفيه تشبه بالشياطين.
وقد حدثنا أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يمشِ أحَدكم في نعلٍ واحدةٍ، لينعلْهُما جميعًا، أو ليخلعهُما جميعًا”، وفي رواية: “أو لِيحفهمَا جميعًا” متفق عليه.
حيث نهى النبي عن المشي في حذاء واحد، لما فيه من مخالفة آداب الإسلام العامة، وأنه يسبب السير بشكل غير سليم، والتعثر، ويؤدي أيضًا إلى أذية النفس؛ سواء بالوقوع الكامل، أو جرح الساق الأخرى.
وقد ذكر حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يمشي أحدكم في نعل واحدة فإن الشيطان يمشي في نعل واحدة”، وذلك نهي واضح وصريح للرجل بعدم فعل ذلك، حيث يُشبه بالشياطين، وهو أمر غير محمود له.
ونقل أيضًا عن أبي هريرة قال سمعت رسولَ الله صَلَّى الله علَيه وسلَم يقول: “إذا انقطع شسعُ نعل أحدكم، فلا يمشِ في الأخرى حتى يُصلحها”رواهُ مسلم. والشسع هو أحد السيور الذي يربط النعل ويثبته.
هذه الأحاديث تؤكد النهي عن المشي في نعل واحدة، وهو سنة للمؤمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجب عليه الامتثال لها، والبعد عن التشبه بالشيطان، واتباع الضلال.
ما هي آراء العلماء في ارتداء نعل واحدة والمشي به؟
ارتداء نعل واحدة والمشي به تُعَدّ من المواضيع التي تثير الكثير من الجدل والتساؤلات بين العملاء والفقهاء، وتعتمد هذه الآراء على تفسيرات مختلفة للنصوص الدينية والفهم الشرعي لقيم النظافة في الإسلام، وتنقسم آراء العلماء والفقهاء في خلاف حكم المشي بحذاء واحدة إلى رأيين وهما:
الرأي الذي يروج جواز ارتداء نعل واحدة والمشي به
يرى بعض العلماء أن المشي في نعل واحدة ليس له أساس شرعي محدد يمنعه، حيث يستندون إلى عدم وجود نصوص قرآنية صريحة تحظر هذا الفعل.
وأن هذا الأمر لا يعد عصيانًا لله، بل هو أمر غير مستحب، لكن الإقدام عليه ليس له جزاء أو خروج عن الدين.
الرأي الذي يعتبر المشي في نعل واحدة مخالفًا للتوجيهات الدينية
يرى البعض الآخر أن ارتداء نعل واحدة والمشي به مخالفًا لتوجيهات النظافة والحشمة في الإسلام.
ويعتبرون أن هذا الفعل قد يظهر التقصير في الالتزام بالقيم الإسلامية والثقافة الدينية، يجدر بالشخص أن يحرص على ارتداء الأحذية المناسبة للمكان والزمان.
وقد أكد جمهور الفقهاء، وكذلك مذهب الأمام الشافعي، والإمام الحنبلي كراهة المشي في نعل واحدة، وكانت أدلتهم هي أحاديث الرسول التي تم ذكرها.
ووضح البعض منهم أن هذا الفعل قد لا يكون محرمًا تمامًا في ذاته، لكنه فيه شبهه بالشياطين، وذلك يعد من المحرمات، فعلى المؤمن مخالفة الشيطان في أي شيء يفعله.
وحين سئل الشيخ الفضيل ابن الباز عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا يمشي أحدكم في نعل واحدة) قال أن ظاهر النهي التحريم، فرد عليه السائل بسؤال آخر وقال له قد تكون في مكان قريب وأنا ارتدى النعل في رجل واحدة فهل يجوز؟
قال لا يجوز؛ إما أن يلبسا سويًا، أو يخلعا كليًا، فقال له حتى ولو كانت بينهما خطوة، فقال له الشيخ الجليل، احرص على أن لا تعصي الله ولو بخطوة واحدة.
ما الحالات المباح فيها ارتداء نعل واحدة؟
أجاز العلماء المشي في نعل واحدة، ذلك في عدة حالات وهي:
- الأشخاص الذين خلقوا بساق واحدة، لكن يفضل تركيب طرف صناعي وارتداء حذاء له إذا أمكن ذلك.
- الأمراض المزمنة، وينتج عنها أحيانًا إصابة الساق، ويتم عدم التعامل معها نهائيًا، ولا يشعر بوجودها المريض.
- الكسور التى تستدعي عدم الضغط أو المشي على الساق المكسورة وعدم ارتداء حذاء لها.
- العمليات الجراحية في إحدى الساقين، وهي تستدعي أيضًا عدم المشي عليها لمدة زمنية.
- الحوادث التي ينتج عنها فقد إحدى الساقين.
في الختام، المشي في نعل واحدة هو أمر غير محرم بالكامل في الإسلام، إنما مثلما أوضحنا أنه غير مستحب أو مكروه فعله.
وعلى الفرد اتباع أوامر الشريعة الإسلامية، والحرص على تطبيق منهج وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما كنت حريصًا على فهم دينك أكثر، وعدم اتباع الشيطان، كان ذلك وقاية لك من أي سوء.